الأربعاء، 13 مارس 2013

الـــروايــة العربـيــة نشأتها وتطورها / خولة الوهداني

الجامعة الأردنية
كلية الآداب
قسم اللغة العربية
الدراسات العليا / ماجستير

الرواية العربية نشأتها وتطورها
مقدم لمادة فنون النثر العربي الحديث
أستاذ المادة : الدكتور محمد القضاة
عمل الطالبة : خولة الوهداني





مفهوم الرواية:
قبل أن نتحدث عن نشأة الرواية وعناصرها وأقسامها وعن تطورها نرى من الضروري أن نتحدث عن مفهومها ومدلولها اللغوي والاصطلاحي. فهي في اللغة كلمة مشتقة من كلمة الري ومدلولها الحسي كان نقل الماء من موضع إلى آخر لري الأرض أوإشباع الظمأ،ثم أصبح يدل على نقل الخبر أو الحديث من شخص إلى شخص،ولذلك ارتبط بعلم الحديث النبوي الشريف - حيث يروي راو رواية عن النبي عليه الصلاة والسلام يخبر بها الآخرين- وبالتاريخ والأدب. ثم توسع الأدباء في مدلولها فأصبحوا يطلقون الرواية مرادفة للقصة ودالة على القصة الطويلة .(1)


أما في الاصطلاح فهي حكاية أو قصة خيالية نثرية طويلة تستمد وقائعها أو الواقع،أوالخيال والواقع معاً،ولاتكتفي بجانب من الحياة لكي تنتهي في جلسة واحدة كقصة قصيرة بل وإنها تشمل صورا للحياة بكاملها وتستغرق جلسات طوال دون أي تحديد، وتشمل فصولاَ وتحكي عن حياة أشخاص ونظرة الروائي فيها وكذلك هي حكاية عن الأحداث والأعمال وتصوير الشخصيات بأسلوب مشوق جذاب ينتهي إلى غاية مرسومة،وهي نوع من أنواع الفن القصصي،ويعتبرها بعض الأدباء النوع الأحدث بين أنواع القصة، والأكثر تطوراً وتغييراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته، وتكون الرواية أوسع من القصة وأكثر أحداثاً و وقائع. وتتناول مشكلات الحياة ومواقف الإنسان المعاصرمنها، في ظل التطور الحضاري السريع الذي شهده المجتمع.  
ولها من حيث شكلها الأدبي أربع سمات أساسية: الأولى شكل أدبي سردي يحكيه راو. والثانية أطول من القصة تغطي فترة زمنية أطول. والثالثة تكتب في لغة نثرية.والرابعة عمل قوامه الخيال.
                    
عناصر الرواية
لابد من أن نتعرف على العناصر المهمة التي يرتكز عليها العمل الروائي الناجح وهي:
1.   الفكرة:-
يراد بها الموضوع الأساسي الذي تبتني عليه الرواية، وفيه يمكن سرعظمة تلك الرواية وبقائها،فهي بقدر اتصالها بالحقائق التي تجعل الحياة الإنسانية أكثر سعة وعمقاً ويجد القارئ فيها الوعاء الذي يلبي مطالبه العرفية والذوقية ويسد حاجاته الثقافية المتنوعة في الحياة، والراوي الماهر هو الذي يجعل من الحقائق الإنسانية الخام،ثم ينقي ثم يأتي إلى العرض الجميل المشوق، ويرسم الأنموذج الحي المتحرك وبه يصيغ المواقف والأحداث.
فهذه الفكرة التي يجردها الروائي من ظواهر الحياة بأحاسيسه وتأملاته يعود ليخلقها خلقا فنيا ، يجسدها من أشخاص يجردهم من محيط الحياة ويدخلهم إلى صلب عمله الفني، فيضعهم في علاقات متنوعة يواجهون الوجود من خلال مواقف متباينة ، فيلقي الضوء على سلوكهم،كاشفاً بذلك عن الأسباب التي أدت إلى النتائج، محركاً معه عواطف قارئه وذهنه وخياله.
2. الحادثة:-
يفترض في كل رواية أن تقع أحداثها في نظام معين، اصطلح على تسميته (الحبكة) إذ يجب أن ترتبط حوادث الرواية وشخصياتها ارتباطاً منطقياً يجعل من الموضوعات وحدة فنية ذات دلالة محددة.
والحادثة الواحدة تتكون من مجموعة من الوقائع الجزئية، مرتبطة منظمة على نحو خاص، تسرد سرداً فنياً ينقل الحادثة من صورتها الواقعية في الحياة إلى صور لغوية ذات دلالات نفسية متصورة تساعد على حيوية المواقف. و بالتدريج تتطور تلك الوقائع فيكون بعضها سبباً لوقوع بعضها الآخر. فهي تشتبك وتتأزم ثم تتدرج إلى الانفراج والحل.
والحبكة تتألف من ثلاثة أجزاء: الأول بدء(مقدمة) والثاني وسط (عقدة) والثالث نهاية (حل). ويختلف نظام العرض للأحداث والوقائع حسبما تقتضيه طبيعة الموضوع وأسلوب القاص----- فمنها طريقة الترجمة الذاتية، ومنها طريقة الرسائل والمذكرات وما إليها من الطرق-----.
3.الشخصية القصصية:-
الشخصية القصصية: إنسان يقدمه القاص ويرسم ملامحه الخارجية والداخلية (الجسيمة و النفسية والاجتماعية( من عناصر يستخدمها من أشخاص واقعيين، كما أن الشخصيات تعكس جانبا من قيم العصر ومعتقداته وطوره الحضاري.
لذا لابد للقاص أن يتعرف على أبعاد الشخصيات التي يريد عرضها، وتقدير المهمات التي تقوم بها في مختلف الظروف وفقاً لطبيعتها ومستوى وعيها.
والشخصيات على أنواع متعددة منها:-
 (الف) - البسيطة: وتسمى المسطحة، وهي التي تبقى ملازمة لحالة واحدة وصفات ثابتة في الرواية مهما تغيرت الظروف، ويتعرفها القارئ بسهولة وقد لايجد رغبة كبيرة في متابعة مواقفها.
 (ب) - المركبة: أوما يصطلح على تسميته النامية، وهذه الشخصيات تتفاعل في الظروف والأحداث، فتنمو وتتكامل ملامحها على امتداد الرواية، ويجد القارئ رغبة شديدة في متابعتها وتعرف مواقفها وتحري مواقفها الظاهرة والخفية، فيعجب بشخصيات ويحبها ويكره شخصيات ويزدريها بناءً على ما يوافق ميوله.
4. البيئة:-
ويراد بها الظروف المكانية والزمانية الثابتة والطارئة التي ترافق وقوع الأحداث داخل القصة، ويكون لها تأثيرها في تحديد مواقف الشخصيات وتصرفاتها ، إذ يقوم القاص بتصوير تلك البيئة من جوانبها المتعددة، مركزاً في تصويره على العناصر ذات التأثير الطبيعي والاجتماعي والنفسي وعلاقة ذلك كله بطباع شخصياته  القصصية  وتفسير بواعثها السلوكية والمصير الذي ستنتهي إليه.
فالبيئة الطبيعية تشتمل على المحيط الجغرافي والثقافي من مدن أوقرى ومن صحارى أو بحار أوسهول أو جبال وتأثير خصائص كل منها المناخية والثقافية في تكوين الفرد وتحديد طباعه، والبيئة الاجتماعية تتناول مستوى المعيشة والعادات والتقاليد السائدة، وصور العلاقات الإنسانية التي تربط الفرد ببقية أفراد المجتمع، أما الجانب النفسي فيتناول الحالات النفسية الخاصة التي يعانيها بعض الأفراد نتيجة لعقد نفسية ، وتأثير ذلك كله في مواقفهم وفي مسار الأحداث وتطورها.
5. الـهد ف:-
ولابد لكل قصة جيدة من هدف مكنون مع المتعة والجمال تسعى إلى تحقيقه، يدير الكاتب قصته حوله، وتتحلى من خلالها وجهة نظر في الحياة وتفسيره لها ونقده كذلك، والفنان القدير يحرص كل الحرص على سلامة قصته من الناحية الفنية إلى جانب مراعاته الهدف الجيد لأنه بذلك يكون أشد تأثيراً وأقوى فناً.
6. الأسلوب:-
 هو عنصر حيوي ومؤثر أشد التأثير في  القصة والمراد به طريقة الكاتب في استخدام كلماته وجمله وتراكيبه حقيقة كانت أو مجازا، فما لم يكن للقصة أسلوب مميز موافق لأذواق القراء أو المتلقيين، لم تكن القصة ناجحة. وعلى ذلك فإنه يجب أن يسأل الكاتب نفسه: من سيقرأ هذه القصة وما مستواه اللغوي والأسلوبي والثقافي، وهل يستطيع أن يفهم ويستمتع بالأسلوب الذي استخدمه؟  وذلك لأن الأسلوب يلعب دورا مهما في جذب انتباه المتلقي إلى قراءة القصة وتحبيبها إلى الجماهير والمراد به عادة اللغة ويكمن استخدامها في أساليب مختلفة مع المحافظة على الفكرة.    

أقسام الرواية
للرواية عدة أقسام رئيسية: الرواية التعليمية، الرواية التاريخية، الرواية الاجتماعية والرواية الفلسفية وما إلى ذلك من أقسام أخرى.
1.   الرواية التعليمية:-
 فهي من أهم أقسام الرواية التي ترتكز جميع عناصرها على إيقاظ الشعور والوعي التعليمي في المجتمعات حيث يقرءها القارئ من غير سآمة ولاملل، ويجد في نفسه بذور الأمل والرجاء للتقدم في مجال التعليم والارتقاء، وهي أقدم الفنون التي حاولت أن تتخذ شكلاً روائياً في أدبنا العربي الحديث، والهدف من هذا القسم المميز من الرواية تعليم وتثقيف القراء، كما يظهر من أعمال روادها الأوائل الذين لم يدخل في اعتبارهم أنهم يقدمون إلى قرائهم رواية، بل كانوا يريدون بتقديمها التعليم والتثقيف.
وكان الفضل في تقديم البذورالأولى للرواية التعليمية ونشأتها يرجع إلى رفاعة رافع الطهطاوي. يقول الدكتور طــه محسن البدر في مؤلفه المعروف لدى الأوساط العلمية الأدبية "تطورالرواية العربية الحديثة في مصر": "ويعتبر رفاعة رافع الطهطاوي أول من وضع البذور الأولى لنشأة الرواية التعليمية في كتابه المؤلف ((تخليص الإبريز)) وفي روايته المترجمة ((مغامرات تليمتك)) وقد كان من استطاعنا أن نسقط كتاب تخليص الإبريز من بحثنا، لولاما نظنه من أن هذا الكتاب يفتقر إلى الصلة التي تربط بينه وبين المحاولات الأخرى التي ظهرت في ميدان الرواية التعليمية، وقد ساعدت الظروف رفاعة على أن يكون أول من وضع بذور الرواية التعليمية، وقد كان رفاعة فلاحا مصريا كأمثاله من أبناء الفلاحين في الأزهر وكان ممكناً أن يتخرج رفاعة من الأزهر صورة مشابهة من العلماء في عصره، لولا ارتباطه في الأزهر بالشيخ حسن العطار الذي يقال عنه إنه كان أديبا رحالة، وإنه كان يمتاز بين أساتذة الأزهر في ذلك العهد بعقلية تقدمية تستطيع الحديث وتؤمن بالتطور----- لذلك أصبح العلم لديه معرفة توسع الفكر لا استظهارا، واجتراراً وتكراراً------.
2الرواية التاريخية:-
 هي من أهم أقسام الرواية تعليماً، وإحياءً للماضي وتمجيده، ويكون الهدف من عرضها في قالب الرواية نشر التعليم أو الخدمة القومية . و توجد مادتها يتجلى ويظهر أن الذين كتبوا الروايات التاريخية ينتمون إلى معظم البلدان العربية، استمدوا موضوعات رواياتهم من تاريخ العرب والإسلام. وفي طليعتهم إثنان هما جرجي زيدان ومعروف الأرناوؤط.
جرجي زيدان:-
 يعتبر جرجي زيدان رائد الرواية التاريخية ، وهوأديب لبناني هاجر إلى مصر وأسس فيها مجلة "الهلال" سنة 1892م، وله في باب القصة إحدى وعشرون رواية خصص منها ست عشرة لتاريخ العرب والإسلام وأربعا لتاريخ مصر الحديث وواحدة للانقلاب العثماني 1908م، وغير هذه الروايات كتاب في تاريخ التمدن الإسلامي، وآخر في تاريخ آداب اللغة العربية.
وقد نالت سلسلة قصصه من إقبال الخاصة والعامة ما لم تنل سلسلة قصص تاريخية أخرى. يقول أنيس المقدسي في مؤلفه الفنون الأدبية وأعلامها:"ولانعرف سلسلة من القصص التاريخية حظيت من إقبال الخاصة والعامة بما حظيت به هذه السلسلة. فقد مر على وفاة صاحبها ما يقارب نصف قرن وهي حية يقرأها الجيل بعد الجيل، وتجاوزت شهرتها العالم العربي فترجم بعضها إلى عدة لغات شرقية وغربية".وكتب أيضاً "ويمتاز زيدان بأمانته التاريخية حتى أنه يبث فيها مصادره كأنه تاريخا لارواية. أما أسلوبه فسهل يأنس به الجمهور ولا تنكره الخاصة".
وكتب أيضاً "فزيدان مؤرخ أكثر منه صاحب القصة إلا أن ذلك لم يقلل من جاذبية رواياته وفائدتها وتأثيرها. ويحق لزيدان أن يلقب بإمام هذا الفن في أدبنا الحديث." وقد عده المقدسي من أركان النهضة الأخيرة.
معروف الأرناوؤط:-
 هو أديب سوري معاصر أتحف المكتبة العربية بعدد من الروايات التاريخية أمثال: "سيد قريش" و "عمر بن الخطاب" و"طارق بن زياد" و"فاطمة البتول" وسواها. ورغم أن هذه الروايات تاريخية، تسودها نزعة عاطفية أشبه بما تراه في الروايات الرومانتكية. فغايته انتزاع بطولات من هذا التاريخ يصورها للجيل الحاضر تصويرا مشرقا تذكيراً لهم بماضيهم واستنهاضاً لهممهم، واستجابة لعاطفة تجيش في صدره وصدور أمثاله لدى تحكم الغريب في أوطانهم.
3.الرواية الاجتماعية:-
هذا القسم من الرواية هو أوسع أنواع القصص الحديثة انتشاراً. وأكثر ما يعالجه كتاب العصر. والثلاثين سنة الأخيرة شاهدت تحولا ظاهرا  في القصة الاجتماعية. فمنذ القرن التاسع عشر حتى نهاية الحرب العالمية الأولى كانت النزعة الرومانتكية هي السائدة فيها. فكان القصاصون أميل إلى تناول الموضوعات العاطفية أوالخيالية المثيرة. فبدأوا يترجمون ويكتبون قصص المغامرات والفواجع والغرامية وما يتصل بالفضائل أوالمصائب الإنسانية. فأوضاع الحياة الاقتصادية والاجتماعية التي سببتها الحربان الأولى والثانية صرفت الكتاب والقصاصين إلى معالجتها. فأصبحت القصة تستمد أو تستلهم من واقع المجتمع. ولها ثلاث وجهات: إقليمية، وعمومية، وشخصية.
الإقليمية:-
 ويراد بــ "الإقليمية" في الرواية الاجتماعية ما يستمده الكاتب من واقع إقليم أو بلد خاص. و هي تتجلى في كثير من الروايات المصرية والعراقية والسورية واللبنانية وسواها. ولنمثل عليها بثلاث روايات هي "زينب" لمحمد حسين هيكل، و"زقاق المدق" لنجيب محفوظ، و"الرغيف" لتوفيق يوسف عواد.
وأول رواية اجتماعية هي "زينب" وهي مستمدة من الحياة المصرية، وتصف الريف المصري وأهله وعادتهم وطرق معيشتهم وصفا يشف عن اختيار ودقة ملاحظة. والقصة تدور على حب فتى متعلم لفتاة فلاحة.
العمومية:-
 وإذا التفتنا إلى الوجهة العمومية من القصص الاجتماعي أن نرى عددا غير قليل ممن لم يقصروا نظرهم إلى إقليم خاص، وتناول وقائع رواياته بالتعيلم من وجهة نظر عمومية. كما فعل منشي المقتطف الشهير يعقوب صروف، فقد وضع عددا من الروايات الاجتماعية. ومن ذلك روايتان له "فتاة مصر" يعرض لبعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية الدولية وتقع حوادثها في بريطانيا ومصر. والقصة تدور حول شاب إنكليزي قدم من لندن إلى مصر حيث تعرف على فتاة مصرية أحبها ثم تزوجها ، وبعد أن سافر إلى اليابان وعاد منها إلى مصر.
الشخصية:-
 إن الرواية من هذاللون من القصص الاجتماعي، هي التي يتحدث فيها الكاتب عن تجارب شخصية، وقد تصطبغ أحيانا بصبغة عاطفية تضعها في صف الروايات الرومانتيكية، ولنمثل عليها بروايتين إحداهما لجبران خليل جبران وهي "الأجنحة المتكسرة" والأخرى لشكيب الجابري "قدر يلهو". ‘‘فالأجنحة المتكسرة’’ تدور على معاناة الكاتب من خيبة آمال في حبه الأول وعلى ما اختبره آنئذ من أحوال المجتمع الذي يعيش فيه. وأما الرواية "قدر يلهو" فهنا يتحدث كاتبها شكيب الجابري باسم بطله علاء عن اختباراته وغرات شبابه وهو يقيم في ألمانيا، وما كان لذلك بعد ئذ من تأثير في نفسه فإذا هو يمل ما عرفه من مدينة الغرب ويحن إلى وطنه الشرقي، فيعود إليه. ولكنه يشعر أثر عودته أن الحياة فيه لاتوافق مع تخامر نفسه من الأماني والطموحات فيترائى له كأنه ضائع بين الغرب والشرق.

4. الرواية الفلسفية:-
 هي الرواية التي تجمع بين القضايا الفكرية والاجتماعية فتكون مزيجا من النوعين ولها ميزات خاصة كتلك التي تتجلى في محاولة الكاتب للجمع بين الأسلوب القصصي المشوق والمبادئ التي يحاول الكاتب عرضها وتقريرها. ولقد حاولها بعض الكتاب قديما كما فعل ابن طفيل في قصته الرمزية "حي بن يقظان" وهي تدور على شخص ولد ترك وهو طفل رضيع في جزيرة لايسكنها أحد من البشر. فحنت عليه ظبية وأرضعته حتى نما وصار قادرا على الاعتناء بنفسه. ولكنه نما لايعرف إنسانا ولا علماً. ومع ذلك استطاع بالموهبة العقلية التي أودعها الله فيه أن يرتقي إلى معرفة الله. وذلك عن طريق المشاهدة والتفكير والاستدلال بالمحسوس على المعقول. وغاية الكاتب من هذه القصة هي أن يبين أن العقل البشري يمكنه الوصول إلى الكمال بمجرد التفكير الذاتي دون نقل أو تعلم.ومن هذه القصص الرمزية "قصة الإنسان والحيوان" و"رسالة الغفران".
    
نشأة الرواية وتطورها
فبدراسة من التاريخ للآداب نطلع على أن الرواية العربية كانت موجودة لدى العرب في العصر العباسي. ومن أمثال ذلك تلك القصص: كتاب البخلاء للجاحظ، وكتاب كليلة ودمنه لابن المقفع، وكتاب ألف ليلة و ليلة لكاتب مجهول. ولكن في ذلك الوقت لم يكن هذا الفن معروفا باسم الرواية.
وفي الحقيقة تعود نشأة الرواية - بشكلها أدبيا- إلى الاتصال والتأثر المباشر بالغرب بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وجاءت على أيدي بعض المثقفين اللبنانيين والسوريين والمصريين -الذين زاروا الغرب ونهلوا من مناهلها العلمية والثقافية- مترجمة معظمها من الفرنسية وبعضها من الإنجليزية.
ولعل أول محاولة لنقل الرواية الغربية إلى عالم الرواية العربية لرفاعة رافع الطهطاوي في ترجمته لرواية "فينيلون"(Fenelon) مغامرات تليماك (Telemaque) باسم مواقع الأفلاك في وقائع تليماك، وقد جمع فيه كثيرا من الآراء والخبرات في التعليم والتربية والسياسة.
وطفقت الرواية تتطور بشكل سريع في القرن العشرين إنتاجا وابتكارا. وكانت الرواية العربية قبل الحرب العالمية الأولى على حالة من التشويش والبعد عن القواعد الفنية، وكانت أقرب ما يكون إلى التعريب والاقتباس حتى ظهور رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل (1914م) التي اتفق النقاد على أنها بداية الرواية من حيث الفن، والتي عالجت الريف المصري-------.
وعقب الحرب العالمية الأولى ومع بداية الثلاثينات من القرن العشرين بدأت الرواية تتحذ سمتا جديدا أكثر فنية وأعمق أصالة، وظهرت مع جميع قواعدها وعناصرها الفنية، وكان ذلك على يد مجموعة من الكتاب الذين تأثروا بالثقافة الغربية أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم وعيسى عبيد والمازني ومحمود تيمور وغيرهم.
فقد نقلت روايات الأربعينات والخمسينات الإبداع الروائي في الأدب العربي نقلة جديدة، ومن أبرز كتاب هذه الفترة عبد الحميد جودة السحار ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس إلا أن الروائي نجيب محفوظ يعد سيد هذا الميدان غير مدافع. فرواياته "خان الخليلي" و" زقاق المدق"، والثلاثية تمثل رؤية جديدة أضافت إلى أجواء الرواية عوالم أرحب وأوسع. وفي الستينات من القرن العشرين بدأ نجيب محفوظ يبدع عالما روائيا جديدا مستخدما تقنيات أكثر إبداعا وأكثر تعقيدا، وتقف رواياته "اللص والكلاب"، "السمان والخريف"، "الطريق" و"الشحاذ" و "ثرثرة فوق النيل" معلما بارزا في مسيرة الرواية الجديدة، وذلك أن المضامين الاجتماعية التي عني بها من قبل امتزجت بها في هذه المرحلة مضامين فكرية وإنسانية ونفسية احتاجت إلى شكل روائي أكثر فنية من مرحلته السابقة.
وقد أجبرت هزيمة عام 1967م الروائي العربي إلى إعادة النظر في تيار الرواية، الذي كان سائدا قبل الهزيمة، فظهرت من ثم أنماط روائية جديدة، فيها ثورة على الأساليب التقليدية، كالحبكة والبطل والسرد التاريخي.
وكانت لنجيب محفوظ إضافة لاتنكر في هذه المرحلة. ظهر بعد ذلك جيل من الروائيين العرب، سمي بالحداثين، خرجوا على رؤية الرواية التقليدية وتقنياتها. وعلى أيدي هولاء الكتاب مثل: صنع الله إبراهيم وحنا مينا وجمال الغيطاني وإدوار الخراط والطيب صالح وبهاء طاهر وإميل حبيبي والطاهر وطار وعبدالرحمن منيف وغيرهم ظهرت رؤية روائية اجمل اتجاهات معاصرة وحداثية مختلفة، ومن أهم سماته أن الخطاب الروائي تجاوز المفاهيم التقليدية حول الرواية في عصورها الكلاسيكية والرومانسية والواقعية الجديدة، وتداخلت أساليبها مع تداخلات العالم الخيالي والواقعي والتاريخي، مما جعلها سواء في حبكتها أو شخوصها، أكثر تعقيدا وأعمق تركيبا.
فبذلك وصلت الرواية العربية إلى دنيا النص المفتوح الذي يفصي إلى قراءات متعددة لاتصل إلى تفسير نهائي للخطاب الروائي كما كان الحال في الرويات السابقة.  

                        المراجع والمصادر
                                                    (References
1.    الرواية العربية بعد الحرب العالمية الثانية إلى نهاية القرن العشرين /أ.د.شفيق أحمد خان الندوي
2.    نشأة الرواية في الأدب العربي/البروفيسورسليمان أشرف
3.    تطور الرواية العربية الحديثة في مصر/عبد المحسن طــــه بدر1963 م دارالمعارف بمصر.
4.    القصة:تعريفها،وعناصرها،وأنواعها.ثقافة الهند:العدد/أ.د.شفيق أحمد خان الندوي
5.    الفنون الأدبية وأعلامها / أنيس المقدسي
6.    إطلالة على الأدب العربي-الرواية:الكاتب/الشيخ محمد الحلفي Google    العربية
7.    نظرة إطلالة على الرواية وتطورها: Google    العربية
8.     الخطبة الافتتاحية /لشيخ عميدالزمان الكيرانوي
9.    رواية (أدب) من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
10.  الرواية في الأدب


الأحد، 10 مارس 2013

تطور الأدب في العصر الحديث


الجامعة الأردنية
كلية الآداب
قسم اللغة العربية وآدابها

{بسم الله الرحمن الرحيم}




تقرير عن
تطور الأدب في العصر الحديث ، والوقوف على ظهور المطبعة والصحافة ، وانتشار التعليم والترجمة ، وأثر ذلك في ظهور الفنون الأدبية الجديدة كالمقالة والمسرح والرواية.
مقدم للأستاذ الدكتور
أ‌.      د . محمد القضاة
إعداد الطالب
عايد بن سلامة بن عايد الشراري
الفصل الثاني
1433- 1434هـ   2012  – 2013م


مقدمة :
اختلف الباحثون في أسباب النهضة في العصر العربي الحديث على رأيين فمنهم من يرى أن غزو نابليون  لمصرهو بداية الاتصال بالغرب ، وذلك أن نابليون لم يكن غازيا عسكريا  فحسب ،  بل كان يحمل معه كل عدد الغزو الحضاري والثقافي ، فقد حاول أن يستظل بمظلة الإسلام في البداية  ثم بدأ يبث معطيات حضارية وثقافية غربية ، فأنشأ  مسرحا للتمثيل تمثل فيه رواية تمثيلية فرنسية جديدة كل عشرة ليال  ، كما أدخل المطبعة وأنشأ مصنعا للورق ، وأصدر صحيتين وأسس مراصد فلكية ومراكز للأبحاث ومعملا للتصوير ومكتبة عامة جمع العديدمن كتبها  ، من المساجد والأضرحة بالإضافة إلى كتب عربية وأخرى فرنسية وأنشأ مجمعا علميا مصريا ، من أهم أهدافه نشر العلم والمعارف كما زعم ودراسة القضايا المتعلقة بعلوم العصر وتاريخ مصر وكانت له مهمة استشارية سياسية بالإضافة إلى ذلك ، وقد ظل هذا المجمع الذي ضم أقساما من للرياضيات والطبيعيات زالاقتصاد والسياسة والآداب والفنون باقيا حتى الآن  .
وأما الرأي الآخر فيرى أن الحركات الدينية المعاصرة  التي بدأ تباشيرها في وقت مبكر ممثلة في حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب  في نجد  وحركة جمال الدين  الأفغاني  ومحمد عبده في مصر والحركة المهدية في السودان ، وغيرها ...  كانت سببا في النهضة  .
والحقيقة أنه ليس من السهل تحديد أسباب النهضة بعينها ، وإنما هناك عوامل متعددة ساعدت على  ظهور النهضة منها :
 الرجوع إلى كتب التراث العربي  إلى العصر الجاهلي والعصر العباسي فاستلهموا النماذج الرفيعة ، وقد ساعد ظهور المطبعة  خصوصا مطبعة بولاق  التي من خلالها  طبع أمهات الكتب العربية ، وقد ساعد البارودي على إحياء التراث  ووضع نماذج شعرية رفيعة أمام أعين الشعراء حين طبع مختاراته الشهيرة التي انتقاها بعناية من دواوين الشعر العربي  في العصرين الجاهلي والعباسي  ، وبعض النماذج من العصور الأخرى  .
المطبعة :
كانت المطبعة قد اضطلعت بمهمة إعادة إحياء التراث  منذ وقت سابق لظهور مطبعة بولاق ،إذ طبت على المطابع التركية كتب عديدة منها : القاموس المحيط عام 1814م ، وكافية ابن الحاجب 1819م ، ولكن جملة مانشر من الكتب الأدبية واللغوية لا يزيد عن أربعين كتابا  حتى سنة 1830م .[1]
الصحافة :
بدأت الصحافة العربية مع حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798, حيث أصدرت في القاهرة صحيفتين باللغة الفرنسية. في عام 1828 أصدر محمد علي باشا صحيفة رسمية باسم جريدة الوقائع المصرية, في عام 1885 أصدر رزق الله حسون في استنبول جريدة عربية أهلية باسم مرآة الأحوال العربية. وفي بدايات قرن العشرين كثر عدد الصحف العربية وخصوصاً في مصر، فصدرت المؤيد و اللواء و السياسة و البلاغ و الجهاد. ومن الصحف القديمة والتي لا زالت تصدر لحد الآن جريدة الأهرام والتي صدرت لأول مرة في عام 1875، ومنافستها جريدة الأخبار التي صدرت عام 1944, إضافة إلى العديد من المجلات الأدبية والفنية والثقافية.
تطورت الصحافة العربية في العقد الأخير كثيرا، فبعد أن كانت مجرد صحافة ورقية بالية خاضعة بشكل مطلق لمقص الرقيب الحكومي، أصبحنا الآن نجدها متحررة كثيراو متعددة الأنشطة والموارد والاتجاهات، فأصبح منها الإلكتروني الموازي للجريدة الرسمية انطلاقا من شبكة الإنترنت التي راج استخدامها كثيرالدى المستخدم العربي، بل صدر منها صحف إلكترونية فقط لا تصدر بشكل تقليدي، ولا تخضع للقوانين المقيدة لحرية الصحافة في الدول العربية، ومن هذه وهذه نجد اليومية والأسبوعية والشهرية والموسمية. 3_ الصحافة:
        عُرفت الصحافة في العالم العربي في القرن التاسع عشر، وذلك من خلال صحيفتيْن أصدرهما الفرنسيون باللغة الفرنسية، ثم أتبعوا ذلك بإصدار نشرة باللغة العربية عرفت ب ( التنبيه ) وهي تعدّ أوّل صحيفة باللغة العربية، تلتها صحيفة الوقائع المصرية التي أصدرها محمد علي باشا في العام 1828م باللغة التركية ثم بالعربية.
-
ثم أصدر إبراهيم المويلحي ومحمد عثمان جلال جريدةً أسبوعيةً اسمها( نزهة الأفكار) في العام 1869م.
-
كما أسهم السوريون في مصر في تأسيس الصحف والمجلات، وكان أهمّها جريدة (الأهرام) التي أنشأها الأخوان بشارة وسليم تقلا عام 1975، وأنشأوا بعدها جريدة المقتطف في عام 1876م، ثم تلا ذلك ظهور جريدة المقطم، وصحيفة اللواء، وغيرها.
-
وفي لبنان صدرت صحف سياسية وأدبية ودينية، منها: حديقة الأفكار، وجريدة لبنان، ومجلة الجنان التي أنشأها بطرس البستاني في عام 1870.
وأعقب ذلك ظهور صحف عديدة في البلاد العربية المختلفة مثل سوريا والعراق، كما أصدر بعض العرب صحفاً باللغة العربية في تركيا مثلما فعل رزق الله حسُّون الحلبي الذي أصدر ( مرآة الأحوال )كأوّل صحيفةٍ مستقلةٍ لا تتبع للدولة في العام 1855م، وفارس أحمد الشدياق الذي أصدر صحيفة الجوائب عام 1860.
وقد لعبت هذه الصحف والمجلّات دوراً مهمّاً في النهضة الأدبية الحديثة، ويمكن تلخيص هذا الدور في النقاط التالية:
1- المساهمة في إحياء التراث الأدبي بنشره والتنبيه إلى ما فيه من جوانب باهرة عن طريق الدراسة والتحليل والتحقيق.
2- نشر النتاج الأدبي شعراً ونثراً، والتعليق عليه بين الفيْنة والأخرى.
3- توثيق الأواصر بالأدب الغربي عن طريق الترجمة ونشر الأعمال المنقولة إلى اللغة العربية، والتعريف بالأدب الغربي عن طريق النصوص المترجمة والدراسات التي يُسهم فيها المترجمون والكتّاب.
4-  فتح الباب أمام الفنون النثرية الجديدة كالقصة والقصة القصيرة والمسرحية ، مما هيّأ الأجواء لتداول هذه الفنون التي وجدت قبولاً واكتسبت حضوراً بمرور الزمن، بعد المعارضة الشديدة التي جُوبهت بها من قبل أصحاب الذوق المحافظ في بادئ الأمر.
5- عممت الثقافة بعد أن كانت تقتصر على الخاصّة، وصار بوسع فئة كبيرة من طبقات الشعب أن يقرؤوها في المكتبات التي أُسست لإيداع الكتب فيها.
6- أسهمت هذه المجلات في تحرير اللغة من الأساليب الجامدة، وجنح الكتّاب إلى النثر العفوي المنطلق من قيود البديع والزخارف اللغوية، كما تنوّعت على صفحاتها الموضوعات وأصبحت قريبة من حاجات الشعب ومشاكله وواقعه .[2]
المقالة :
ارتبط تطور المقالة في الأدب العربي الحديث بتطور الصحافة ، ويمكن تتبع المراحل التي مرت بها المقالة على النحو التالي  مرحلة النشأة ، ومرحلة الريادة والتحول  ، ومرحلة مابعد الاحتلال  ( المدرسة الصحفية الحديثة )  مرحلة التأصيل ، مرحلة مابين الحربين  مرحلة التطور والتنوع ، ومرحلة الازدهار ولانتشار ، والمرحلة السادسة مرحلة التخصص.
مرحلة النشأة التي ارتبط بظهور الصحافة خصوصا الوقائع المصرية التي أنشئت عام 1824م ، وكانت المقالة هزيلة يغلب عليه السجع والمحسنات البديعية ، ولكن رفاعة الطهطاوي كان ذا دور واضح في نشوء المقالة ، فقد أسهم في تعريبها بعد أن كانت تكتب بالتركية  ثم تترجم إلى العربية  وحولها من صحيفة رسمية إلى صحيفة تنشر المقالة  .
المسرح :
يعتبر مارون النقاش أول من أدخل هذا الفن ، وكا لسفره إلى إيطاليا وتعرفه على مسارحها ، أثر في ولعه بهذا الفن  فقد قدم في عام 1848م في بيته ولأصحابه (رواية البخيل  )  ، ويعتبر توفيق الحكيم علما  على مرحلة مهمة  في تاريخ التأليف المسرحي العربي ، ولم يقتصر دوره على هذا الكم الكبير من المسرحيات المتنوعة التي ألفها  بل قام بالتنظير للفن  المسرحي العربي في كتابه "قالبنا السرحي " الذي نشرعام 1967م.

الرواية  :
لم تظهر الرواية العربية  تامة  مكتملة الخلق مرة واحدة ، بل سبقتها محاولات مهدت لها وكانت هذه المحاولات تتخذ طابعا عربيا في شكل المقامة أو تقترب من الأشكال  الغربية وكان للصحافة دور في نشوئها  إذكان الكثير من الصحف والمجلات يعني عناية خاصة بهذا الفن من خلال الترجمة والنشر أو تشجيع المحاولات الأولى في هذا المجال ، وقد كان ظهور الرواية تلبية لحاجات اجتماعية .[3]





[1]  انظر  : الشطي : د. محمد صالح الشطي ، الأدب العربي الحديث  ، دار الأندلس ، حائل ، ط3 ، 1422هـ ، 2001م 
[2] http://kfuforums.kfu.edu.sa/showthread.php -)
[3] انظر  : الشطي : د. محمد صالح الشطي ، الأدب العربي الحديث  ، دار الأندلس ، حائل ، ط3 ، 1422هـ ، 2001م ص448