الأحد، 24 فبراير 2013

مدخل الى الفن المسرحي\ايمان البيك



اما المسرح فهو ذلك الضوء الذي بدأ يشع منذ القرن التاسع عشر ويخفت .. ويلفت الانظار الى هذه الظاهرة الجديدة التي تأخذ البصر وتخلب اللب وتثير الاستغراب .. حتى اذا تهيأت الظروف في المجتمعات العربية.. وقام الحكام المغامرون فيها .. وعملت الارساليات على تبادل الوسائل التي تقيم تركيبا اجتماعيا جديدا ، كما قامت المجتمعات في الغرب اخذ الشرق العربي يستورد الوسائل الجديدة : كمنهاج المدارس الحديثة ..والمطابع الحديثة..وترجمة الاثار التي يحتاج اليها عن الفكر الغربي والادب الغربي .. ومن بين هذه الوسائل الحديثة لفته ..المسرح..على بعد ما بينه وبين هذه الوسيلة الجديدة!
لقد أصبح الجهاز المسرحي عنصرا مكونا للعمل الادبي المسرحي.. بغيره يفقد العمل قيمة كبيرة وليس ادل على ذلك من هذه المسارح الذهنية التي قامت وتقوم والتي تعنى بالفئتين ..الصغيرة والكبيرة.. وتقيم بينهما الروابط والعلاقات!
ولعل الفضل في اقتناص البذور المسرحية من الغرب وزرعها في التربة العربية يرجع الى ابن صيدا في لبنان..ذلك التاجر  المغامر المثقف ..مارون النقاش (1817-1855) الذي كان مشعلا متوهجا في مجالات الادراة والتجارة الى جانب ثقافته العربية والتركية والايطالية والفرنسية!
ومنذ ذلك الوقت والجهود المسرحية تمضي وتنمو وتتخذ وجهة سر الى ان بلغت توففيق الحكيم فأمدها بروح منه..وانتقل المسرح بعده فأصبح فنا جماعيا ولم يعد جهودا فردية مبعثرة هنا وهناك!  لقد اصبح المسرح والعمليات المسرحية ضرورة من ضرورات الحياة الانسانية المعاصرة! اصبح المسرح ضرورة للانسان  العربي شأنه في ذك شأن سائر المجتمعات .. كالجمعيات والمؤسسات والنقابات والاحزااب والمدارس والمنشآت التي تخدم الامة والجماعة والجماهير!
كنا لا نجد الالاف من رواد المسرح .. فاصبح جمهور المسرح يزيد عن المليون!
وكان الذين يكتبون للمسرح بضعة كتاب فأصبح كتاب المسرح في مصر وحدها يتجاوزون الثلاثين!
ولم تكن المذاهب المسرحية والمدارس المسرحية واضحة المعالم فتمثلت الان للمسرح مدارسه واتجاهاته!
واصبح المسرح يقيم حوارا ومهرجانات .. واصبح له كتابه ومقتبسوه ومخرجوه وممثلوه ومصممو ديكوره ومؤلفو موسيقاه المسرحية وسائر اجهزته المتفرغون له.. ونظمت دور العرض المسرحي.. واصبح للنقد المسرحي مدارسه والعاكفون عليه.. واصبحنا نقرأ عن مسرح يوسف ادريس ونتتبع الفكرة التي يدور حولها ذلك المسرح ..كما نقرأ عن مسرح لطفي الخولي والثورة الفكرية التي يدعو لها .. واصبحنا نتتبع الواقع والرمز في مسرح سعد الدين وهبه .. واصبح لالفرد فرج اتجاهه المسرحي.. ولعبد الرحمن الشرقاوي اتجاهه .. ونشطت حركة النشر للآثار المسرحية في مصر .. ونشأت الدراما الاذاعية بفضل ذلك كله ، كما نشأت الدراما في التلفزيون .. ونشأ المسرح المدرسي.. ومسرح الاطفال !
واخيرا اصبح واضحا لدى الجماهير المثقفة ان المسرح كالفن حقيقة اجتماعية في ذاته .. والمجتمع في اشد الحاجة الى المسرح.. ومن حق المجتمع على المسرح ان يكون واعيا لوظيفته الاجتماعية بحيث يعبر عن افكار عصره وتجاربه .. ويسهم في تشكيلها كذلك
وبنبغي على المسرح في مجتمع منهار مثلا ان يعكس هذا الانهيار اذا كان صادقا مع نفسه .. كما ينبغي عليه كذلك ان يصور العالم باعتباره قابلا للتغير .. وان يساعده في تغييره .. والا فانه يكفر بوظيفته   
الاجتماعية المقدسة

مقدمة في دراسة الادب العربي  الحديث ، عبد الرحمن ياغي ،ص 60 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق